تاريخ ألعاب الخفة
معظمكم شاهد عبر شاشات التلفاز أو في السيرك وبعض الحفلات الخاصة عروضاً عديدة يقوم بها أشخاص غامضون وبارعون في الوقت عينه. هؤلاء الأشخاص يرتدون ملابس مميّزة ويبهرون المشاهدين بألعابهم السحرية العجيبة وخفّة أيديهم وأذهانهم الحاضرة بشكل دائم. أولئك هم لاعبو الخفّة الذين غالباً ما يتساءل المشاهدون فيما إذا كانوا يملكون قوّة خفية أو سحراً ما يجعلهم يقومون بتلك الأفعال الخارقة غير الإعتيادية والخارجة عن المألوف.
المؤكّد بشكل شبه نهائي أنّ هؤلاء الأشخاص لا يقومون سوى بخداع الجمهور وإبهارهم عبر خدع بصرية تمرّ عليهم دون اكتشافها في معظم الأحيان، وذلك بحسب براعة كلّ لاعب خفّة وسرعته وقدرته على الإقناع والتمويه. ولنفرّق بين السحر وألعاب الخفّة الحديثة نبيّن أنّ أصل السحر هو صرف الشيء عن حقيقته إلى غيره. والسحر في اللغة العربية بتشديد السين وتسكين الحاء هو"كلّ أمر يخفـى سببـه ويُتخيّل على غير حقيقته ويجري مجرى التمويه والخداع، وجمعه أسحار وسحور".
وتاريخ السحر قديـم بقـدم الإنسان على هـذه الأرض. أمّا ألعاب الخفّة فهي من نوع السحر المجازي. وهذا الفنّ يقوم على المعرفة العلمية والحيل الكيميائية والفيزيائية وخفّة اليد وعلى التمويـه، وعلى أمر أساسي هو قوّة الشخصية والثقة الكبيرة بالنفس.
إذاً دعونا نتفق على أنّ ألعاب الخفّة رغم ما فيها من إبهار وصعوبة ليست سحراً خارقاً. وهي بالتالي ليست حكراً على فئة معيّنة من لابسي الأطقم السوداء والقبّعات الكبيرة التي تخرج ما تخرجه من أرانب وطيور وغيرها من المخلوقات والأشياء التي تمعن في تحييرنا وإبعادنا عن الحقيقة.
وبالتالي إذا ما اقتنعتم بذلك دعونا نعدّ كلاّ منكم لكي يكون لاعب خفّة مدهشاً كأولئك الأشخاص المدهشين عبر ما سنعرضه عليكم من ألعاب ستبدو أمامكم سخيفة للغاية وفي منتهى البساطة حين تكتشفون أسرارها الخادعة. ولا بدّ لكم قبل العرض من أن تقطعوا وعداً بأن لا تتجاوز ممارستكم لتلك الألعاب حدود اللباقة والتسلية ودون أيّ إيذاء للآخرين أو جرح لمشاعرهم.
تاريخ السحر الحديث :
في الأزمنة القديمة كان لكل بلاط ملكي سحرته الذين كانوا يدعون لتسلية الملوك والحكّام مع غيرهم من البهلوانات والموسيقيين. أما السحرة الأقلّ حظاً فقد كانوا يقومون بالأعمال السحرية في الأسواق ليراها جميع المارّة ويجيدوا عليهم بعض النقود . وكانت تلك الحيل بسيطة جداً يجعلون كلّ عدّتها في جيوبهم المخفيّة عن أعين المتفرّجين. وقد ظهر أوّل كتاب عن تلك الأنواع من السحر عام 1584 في أوروبا على الرغم من أنّ السحرة كانوا يمارسون أعمالهم قبل هذا التاريخ بوقت طويل .
وفي أوروبا العصور الوسطى بدأ السحرة في التنقل من بلد إلى بلد في رحلات منتظمة وكان الناس ينتظرون زياراتهم بفارغ الصبر. وبمرور الزمن أصبحوا يقومون بعروض أكبر ويستعملون أجهزة أكثر . وهكذا أصبحوا يستخدمون العربات في تنقلاتهم وكانوا يقومون بعرض ألعابهم السحرية في مخازن أو صالات يستأجرونها لهذا الغرض.
وفي أوائل القرن التاسع عشر . بدأ السحرة يقومون بالألعاب السحرية أو ألعاب الخفّة التي نعرفها هذه الأيام. وبدلاً من إستخدام الأجهزة الثقيلة ، بدأ السحرة بارتداء ملابس حديثة للسهرة وبدأوا بإنجاز ألعاب سحرية تعتمد على مهاراتهم الشخصية من تفكير وإيحاء وخفّة يدّ.
وقد ذاعت شهرة عديد من أولئك السحرة أو لاعبي الخفّة منذ تلك الأيّام حتى عصرنا الحاضر. وهنالك مئات من الأسماء لسحرة أدهشوا العالم بقدراتهم وأسرارهم العجيبة، كالساحر الإيطالي كارديني. لكن يبقى إسم "هوديني" هو أبرز تلك الأسماء في القرن العشرين. ذلك القرن الذي شهد في أواخر سنواته طابعاً مميّزاً من السحر الذي يعتمد على المؤثّرات الصوتية والضوئية التي تمتدّ حتى أيّامنا هذه عبر عدد من السحرة الذين يتحدّون عوامل الطبيعة وقوانينها عبر ألعابهم. هؤلاء يأتي على رأسهم الساحر العالمي الأميركي "ديفيد كوبرفيلد". ولو أنّ ظهور ساحر آخر يدعى "ديفيد بلين" بدأ بسرقة بعض الأضواء منه. وقد برزت في السنوات الأخيرة الساحرة اليابانية "الأميرة تنكو" بألعابها المدهشة أيضاً.
Disque for Site
Site